حوار مع شاعِرَة الضفتين، الإسبانية يولندا ألدون
أنا وبكل بساطة امرأة مناضلة، امرأة تناضل عبر إبداعها الأدبي، وعملها في الصحافة والتحرير لتعزيز العلاقات الإسبانية المغربية الجيدة.
كانت كلها إيجابية. استحقَّت كل هذا العناء الذي بُذِلَ في التحضير لأشهر قبل انطلاق المؤتمر، حيث أن الصور النمطية التي حُملت من إسبانيا إلى المغرب والتي تعكس فكرة مسبقة شائعة في عدة وسائل إعلامية،تلاشت عند حضور هذا المؤتمر الدولي.
– بعد زيارة عدة مدن مغربية، ما الصورة التي تكونت لديكِ عن المغرب؟
عندما وطأت قدماي للمرة الأولى المملكة العلَوية أحسست بخوف بسبب الصورة المسبقة التي وصلتُ بها. أما الآن فيمكنني أن أقول بكل فخر أن المغرب هو بلدي الثاني.
لقد أخذ يكتسب مكانة عالمية، وهذا يرجع إلى حد كبير إلى الدراسات والبحوث التي تُجرى بمختلف الجامعات في إسبانيا وأمريكا اللاتينية والولايات المتحدة الأمريكية. نذكر على سبيل المثال، “الأستاذ كريستيان الريشي” من جامعة “لامرسيد” بكاليفورنيا من خلال نشره لكُتاب مغاربة ناطقين باللغة الإسبانية. بدون شك، يساهم ذلك بشكل كبير في تطوير وابتكار الأدب المغربي الإسباني. هناك شيء آخر سبق أن أشرت به للدكتور “الريشي” هو أنه لا وجود لبيانات تعمل على جمع فئة من الكُتاب، كحالتي، كاتبة ناطقة باللغة الإسبانية والتي تستعمل في إنتاجاتها الأدبية ألفاظًا وحتى جمُلًا بالدارجة. لأتساءل على أي ضفة أرسي؟
هو بمثابة رسالة امتنان واعتراف بكفاحي الهادف إلى إحداث تقارب بين ثقافتين، وتجنيس العلاقات الرابطة بين بلدين متجاورين، من أجل تفادي كل الشوائب التي قد تُغطِّي على مشاريع مستقبلية. نحن في حاجة إلى بعضنا البعض وتصرُّف الرئيس “محمد السفياني” كان نموذجيًا، لم يكن فقط اعترافًا بحبي وارتباطي بمدينة شفشاون وإنما كان أيضا بمثابة يد مُدَّت لإسبانيا.
إنه لمن دواعي الفخر والسرور أن أحضى بلقب “شفشاونية فخرية” وأتمنى تمثيل هذا اللقب كما يستحق المجتمع الشفشاوني.
يتم نظم الشعر عن طريق الكلمة ليصبح أداة، أداة رقيقة، واعتمادًا على طريقة عزفها، يمكنها بفعالية مفاجئة تأدية دور قد يضاهي بكثير الدور الذي تلعبه السلطة السياسية نفسها. وبالتالي، يستطيع الشِّعر أن يجلب السلام وكما يُقال نريد سلام يتوق الكل لزرعه بين الشعوب، سلام وإن كان يبدو خيالًا يمكن أن يصبح حقيقة وإن لم يكن. يأتي هذا في إطار السؤال الذي تفضلتم بطرحه مسبقًا.
الكتاب فنٌ ناتج عن طريق الكتابة، ولكن يمكن بث نفس الإحساس الذي تبثه القصيدة عن طريق نسق فني آخر كالرسم و الموسيقى والتصوير. غايتي كانت ولاتزال وستضل هي: دمج الفنون والثقافة الإسبانية المغربية كوسيلة للتعبير الفني. “كلمات هشّة” هو ديوان شعري يكسر القواعد المعتادة. حيث يعمل على سرد قصة في قالب شعري، بينما وكما نعلم جميعًا، لا تُروى القصص في الشعر. أدرجتُ صورا لتبيان ما تعبر عنه أبياتي، إنها صور متماثلة تُحيّرالقارئ، فلا نعرف هل نحن أمام صور من إسبانيا أم من المغرب، تمامًا كالذي قمت به من خلال لعبة غموض”الأنا الشعري”. أحيانا لا نعرف إذا ما كان الأنا الشعري مغربيًا أو إسبانيًا.
بالتأكيد حبي للمغرب لا يُترجم فقط في حب أماكنه وإنما أيضًا في حب ناسه. ككل البلدان التي قمتُ بزيارتها، هناك أناس طيبون وآخرون أقل طيبة، ولكن يجب أن أقول أن “مغربي” يشكّل بالنسبة لي الأندلس الحلم، بلد يتطور وينمو باستمرار.
يتناول ديوان “كلمات هشة” عاطفة حب عاجزة عن الإستمرار في الزمن، لتعكس ثنائية الحب والموت. إنه القدر الذي يقف أمام عاطفة حب جيّاشة تربط بين اثنين من الفنانين. إنه صراع بين حضارتين تعانقان بعضهما البعض ثم تتشاجران في الوقت ذاته.
إنه الصراع الهائل بين داوود وجالوت، بين كلمة إسبانية لاتينية وأخرى بالعامية، بين إشارة صليب ونداء مؤذن للصلاة، ذلك النداء الذي يهز أنَاك الشعري وإن كنتَ في الضفة الأخرى من المسجد. إنه الإحساس بالسعادة وفي الوقت ذاته بالإحتضار عندما تسمع على الساعة الرابعة فجرًا عبارة: “أصبحنا ولله الحمد”.
وأن تحاول أن تحس بفحوى هذه الجملة التي أعتبِرُها بمثابة شعر حقيقي، ودون أن أعي معنى بعض السلوكيات البشرية غير المقبولة، يمكنني الإقرار بأنها سلوكيات تتناقض مع المعنى الكامل للصلاة، لا أقصد فقط المنظور الديني وإنما أيضًا الدلالي.
– شاعرة الضفتين، رائدة شعر الهواجس”هكذا يُلقبك خوان خوسي تيييث “.
أنا شاعرة ما بين البحرين والضفتين، شاعرة تحب وتبتكر أبياتها الشعرية بلغتين، شاعرة ترعرعت مابين أشعار لوركا وخوان رامون خيمينيس وألبرتي، وأشعار عبد الكريم طبال والفتحي وشكري وكتابات التركي أورهام باموق (في النثر) و أشعار أهل مصر ذات النكهة الأندلسية، أي تلك الإبداعات الأدبية المصرية التي تحمل في طياتها ذكريات الأندلس. كلها عوامل تُشعرني بصحة الصيغة التي يعرفني بها الكاتب الكبير “تيييث”.
ترجمة سميرة فخرالدين